أمة القرآن
يا جنة الخير والحب والوفاء , و فيض الأمل وربوع الإنســـانية الخضــراء
أيقظتَ أسمى معاني الإنسانية , ونشرتَ على وجه الأرض العدل والإحســان
رسمتَ طريق الخير والحب والعدل وحطمت كل أصنام الكفر والظلم والطغيان
كنتَ موئلا ومنهجا ودستور حياة لكل من أراد أن يلوذ بحمى الرحيـم الرحـمن فتحتَ على الدنيا كنوز العلم وأسمى معاني الخلق , وأرقى قيم العدل والإحسان منحتَ القلوب الحية الصادقة نور الله وهدي الحق, وثبات العقيدة وقوة الإيمان فكنتَ سيفا قاطعا في وجه الظلم والبغي والطغيان , ومربيا ومعلما لجيل القرآن
كيف لا يكون سيفا قاطعا وقد صنع من رسالته المحمدية العبيد أسيادا للأمة
جمعاء ؟؟..
هل لنا أن نعود إلى العبد الفقير والأجير الذي كان يرعى الغنم للكافر سيده عقبة
بن معيط ؟؟..
هل لنا أن نعود إلى أول من صدح بالقرآن وقد كان قبل أن يعلن كلمة التوحيد
يمشي بين سادات قريش وهو مطرق الرأس , ولم يؤت بسطة في الجسم
ولا المال ولا الجاه ؟؟..
هل لنا أن نعود إلى عبد الله بن مسعود أحد معجزات الأمة وقد خلق منه الإسلام رجلا يقهر جبروت الشرك, ويهزم بإيمانه كل طواغيت البغي والظلم ؟؟...
لندع الصحابي الجليل – الزبير بن العوام – يصف لنا هذا المشهد الجليل والعظيم , وهو يقول :
كان أول من جهر بالقرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة .
عبد الله بن مسعود رضي الله عنه , إذ اجتمع يوما أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقالوا :
والله ما سمعت قريش هذا القرآن يجهر به قط , فمن رجل يسمعهموه ..؟؟؟..
فقال عبد الله بن مسعود : أنا .
قالوا : إنا نخشاهم عليك , إنما نريد رجلا له عشيرة يمنعونه من القوم إذا أرادوه ..
قال : دعوني . فإن الله سيمنعني ..
فغدا ابن مسعود حتى أتى المقام في الضحى , وقريش في أنديتها , فقام عند المقام
ثم قرأ :
بسم الله الرحمن الرحيم – رافعا بها صوته –
( الرحمن * علّم القرآن ),
ثم استقبلهم يقرؤها ..
فتأملوه قائلين :
ماذا يقول ابن أمّ عبد ؟؟..
إنه ليتلو بعض ما جاء به محمد ..
فقاموا إليه وجعلوا يضربون وجهه , وهو ماض في قراءته حتى بلغ منها
ما شاء الله أن يبلغ ..
ثم عاد إلى أصحابه مصابا في وجهه وجسده , فقالوا له :
هذا الذي خشيناه عليك ..
فقال : ما كان أعداء الله أهونَ عليّ منهم الآن , ولئن شئتم لأغادينهم
بمثلها غدا..
قالوا له : حسبك , فقد أسمعتم ما يكرهون) ...
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوصي أصحابه بأن يقتدوا بهذا
الجبل الأشم والغلام المعلم فيقول :
( تمسّكوا بعهد ابن أم عبد ..) ..
ويوصيهم بأن يتعلموا منه كيف يتلون القرآن
يقول عليه السلام :
(( من أحبّ أن يسمع القرآن غضا كما أنزل فليسمعه من ابن أم عبد )) ...
هؤلاء هم رجال الأمة .. رجال القرآن .. رجال النبي الأمي الحبيب
المصطفى يا أمة الإسلام ..
رجال صنع القرآن منهم عظماء لم يشهد والله التاريخ نموذجا لهم...
رجال رفعهم القرآن من العبيد إلى الأسياد ومن الظلم إلى العدل ومن
الكفر إلى الإيمان ...
رجال حملوا راية القرآن على أكفهم وانطلقوا بها إلى مشارق الأرض ومغاربها ليصدحوا بها دون خشية ولا خوف إلى من الله العزيز الرحمن
هاهو ابن مسعود يتحدث عن نعمة القرآن فيقول :
(( والله , ما نزل من القرآن شيء إلا وأنا أعلم في أيّ شيء نزل , وما أحد
أعلم بكتاب الله مني , ولو أعلم أحدا تمتطي إليه الإبل أعلم مني بكتاب الله
لأتيته وما أنا بخيركم )) ..
لم يكن عبد الله بن مسعود يفارق معلمه وحبيبه في سفر ولا حضر ..
دعاه رسول الله يوما وقال له :
( اقرأ عليّ يا عبد الله ) ..
قال عبد الله : ( أقرأ عليك , وعليك أنزل يا رسول الله ) ؟؟..
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم :
(( إني أحبه أن أسمعه من غيري )) ..
فأخذ ابن مسعود يقرأ من سورة النساء حتى وصل إلى قوله تعالى :
( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا * يومئذ يودّ
الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسّوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا ) ..
فغلب البكاء رسول الله , وفاضت بالدموع عيناه , وأشار بيده إلى ابن مسعود أن ..
( حسبك ... حسبك يا ابن مسعود ) ...
والله إنها لآية جليلة عظيمة تكاد تنشق منها الأرض وتخر الجبال هدا ؟؟؟...
آية تصور لنا مشهدا من مشاهد يوم القيامة لنعتبر ونتعظ يا أمة القرآن !!..
كل أمة حاضرة , وعلى كل أمة شهيد على أعمالها تقف أمام الله الجبار
المنتقم ذو الجلال والإكرام ..
أي مهانة وذل وعار وهؤلاء الذين عصوا الله ورسوله وهم يحسبون أنهم
كانوا في الدنيا يحسنون صنعا ؟؟؟...
إنهم في مواجهة أمام رسولهم النبي الأمي الذي سيكون شاهدا على كفرهم
وموالاتهم للكفار المجرمين وشاهدا على كل ما أضمروا به وأظهروا !!!.
أمة القرآن :
هل ماتت الحياة واضمحلت نداوة الفجر وهزت بنا أعاصير الذل والهوان ؟؟....
أين أنتم أيها المسلمون في كل مكان وكتابنا تدنسه أقدام صهيون والصلبان؟؟...
ألم نسمع قول الله العلي القدير :
( وقفوهم إنهم مسؤولون )؟؟....
أترضون لأنفسكم أن تتحالفوا وتناصروا مع من يدنس كتاب الله العزيز الحكيم ؟؟...
أي ولاء وتحالف وتناصر أستحلفكم بالله يا أمة الإسلام ؟؟..
أما آن لنا أن نستنصر لكتاب الله يا أمة القرآن؟...
أين عبد الله بن مسعود وهو يصدح بالقرآن أمام طواغيت الظلم والبغي
والكفر والإلحاد ؟؟..
أين فاروق الأمة وهو يقطع الفيافي لنشر راية الحق وراية النصر والخير
في كل مكان ؟؟..
أين صلاح الدين وهو ينتفض ليثأر لشرف وكرامة ودين الإسلام ؟؟..
انتهكت حرمة كتاب الله وأصبحت تدوسه الأقدام يا أمة القرآن ؟؟...
يا ورثة الإسلام وأبناء حبيب الله الرحيم الرحمن ؟؟..
القرآن يناديكم يا أمة الإسلام ؟؟..
بالأمس كنتم زهرة يانعة على صدوركم وشوكة تمزق أحشاء قلوب أعداءكم؟؟.
اليوم يمزق أحشائي الذئاب المجرمون اللئام الظالمون ... ويدوس صفحاتي
من لعنهم ربكم وغضب عليهم وجعل منهم القردة والخنازير ؟؟...
لقد مزقوا القرآن هؤلاء اللئام أما تسمعون يا أمة الإسلام وترون ما يفعله
هؤلاء المجرمون بكتاب الله العزيز الرحمن ؟؟..
أضاعت منا النخوة وبلغ منا الخزي والعار أن لا نستنكر حتى ما يفعله هؤلاء الأوغاد أحفاد الشيطان ؟؟؟...
لكن لا والله سنعود وتعود أمتنا بإذن الله ويكتب لها النصر والفوز والتمكين
في الأرض مادام الله قد وعدنا و لن يخلف الله وعده وسينتقم من
هؤلاء المجرمين